محاكمة مبارك.. هل تخمد العدالة البطيئة نيران الثورة؟ – DW – 2011/4/20
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

محاكمة مبارك.. هل تخمد العدالة البطيئة نيران الثورة؟

٢٠ أبريل ٢٠١١

أثار التباطؤ في التعامل مع تقديم الرئيس السابق حسني مبارك إلى المحاكمة شكوكا لدى جماهير الثورة المصرية في جدية التعامل مع هذه القضية. دويتشه فيله رصدت آراء مختصين قانونيين وبعض شباب الثورة في أمر تلك المحاكمة.

https://p.dw.com/p/10vly
جماهير الثورة المصرية تحتفل في شرم الشيخ بالقبض على نجلي مباركصورة من: AP

بعد شهرين من نجاح الثورة في إجبار الرئيس مبارك على التنحي عن منصبه، وُجهت إليه أخيرا اتهامات بوصفه مسؤولا عن إطلاق النار على المتظاهرين، كما يُحقق معه في قضية تضخم ثرواته. وقد أثار التأخر في البدء بمحاكمة مبارك شكوكا لدى الكثيرين في السبب الحقيقي لتوجيه الاتهام له، خاصة في ظل الأوضاع التي واكبت عملية التحقيق، فقد نقل على أثرها إلى المستشفى، وتلا ذلك الحديث عن نقله للقاهرة، ثم شاب الأمر غموض كامل وغابت معايير الشفافية، خاصة مع غياب ممثلي الادعاء أو المجتمع المدني عن سير التحقيقات.

غموض وتكريم

Mubarak Verfahren 2011
المدون المصري جيمي هودصورة من: DW

المدون جيمي هود، لم يتلق خبر القبض على مبارك بأي سعادة. وهود الذي يرأس رابطة ألتراس وايت نايت التي تشجع فريق الزمالك لكرة القدم واشتهرت في يوميات الثورة بصدامها العنيف مع قوى الأمن، يركز غالبا، وكما علمته يوميات الثورة، على الجوانب السلبية في تفاصيل ما يحدث، ويرى "أنها تضمن له استمرار المطالب بجدية، وعدم الركون إلى مراحل نجاح زائفة". فقرار القبض على الرئيس السابق جاء متأخرا نحو شهرين، بعد أن استطاع على الأقل إخفاء أصول ثرواته التي يتحدث عنها العالم كله. ثم شاهد المصريون كيف يعيش مبارك في قصره الفاخر في شرم الشيخ، مما دفع الثوار إلى الاحتشاد في "جمعة المحاكمة"، والتلويح بمسيرة ضخمة إلى شرم الشيخ، وتلا ذلك ظهور بعض الضباط في ميدان التحرير، واستعمل الجيش عنفا غير مسبوق في تفريق المتعاطفين معهم.

"هل يستحق متهم التكريم ويبقى مصابو الثورة دون رعاية ؟"

كل هذا، كما يقول جيمي هود، يُثير لدى المراقب الشعور بوجود قوة خفية ما تلعب مع الجماهير، فتلقي لها بالعظم كلما صعدت في مطلب ما، "ولا نعرف حتى الآن ما هو مصير مبارك، فإذا كانت محاكمة مجرد ضابط في جريمة تعذيب قد استمرت وفقا للقضاء المصري نحو سنة ونصف، فما بالنا برئيس قتل نحو 800 شخص"، وينتقد هود أيضا عدم حضور جهات حيادية خلال التحقيقات، فالنائب العام الذي يحقق الآن والطبيب الشرعي الذي أوصي ببقائه في المستشفي مشكوك فيهما أصلا، "وكان الأولى أن تتولى لجنة حيادية يشارك فيها الثوار متابعة التحقيقات أو الإشراف عليها." ثم يتساءل جيمي هود: هل يستحق شخص يحاكم ومتهم كل هذه التحضيرات والتكريم في مستشفى؟ في حين أن مصابي الثورة من ضحاياه لا يلقون الرعاية حتي الآن.

مبارك سيحاكم أمام القضاء العادي لمدة سنة علي الأقل

Mubarak Verfahren 2011
حافظ أبو سعدة،مدير عام المنظمة المصرية لقوق الإنسانصورة من: DW

من جانبه يرى حافظ أبو سعدة مدير عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن التحفظ على الرئيس مبارك منذ قيام الثورة كان حلا يتطلب إجراء استثنائيا قانونيا، وهو ما كان سيسمح بإيقاف عملية إخفاء الثروات وحماية الثورة نفسها من ألاعيب الثورة المضادة، التي تتحرك من قلب مؤسسات الدولة العسكرية والإدارية، وهو ما حدث بالفعل، وكانت ذروته في تصريح قناة العربية، أما التحقيقات فهي تتم ، كما يقول، وفقا لإجراءات التقاضي العادية، فالتهم الموجهة للرئيس جاءت عبر أجهزة رسمية كجهاز الكسب غير المشروع الذي يحقق في ثروات الموظف العام، أو نتاج تحقيقات عدلية في حادثة كإطلاق النار على متظاهرين عزل.

"التباطؤ نتاج تضخم ملفات القضية"

والاتهامان، كما يقول حافظ أبو سعدة، يتوافقان مع المعايير القانونية العالمية سواء فيما يخص محاكمة الفساد أو القوانين الجنائية، والطرف الذي يجري التحقيقات هو النائب العام الذي كان موجودا في النظام السابق، "مما يعطي مصداقية مضاعفة للتحقيق". أما عن التباطؤ فهو، كما يشرح أبو سعدة، نتاج تضخم ملفات القضية، فتوثيق الأدلة مثلا فيما يخص قضية إطلاق النار تطلب التدقيق في نحو 5000 ورقة، والإثبات فيها جاء متأخرا، بعد تقرير لجنتين حققتا في الأمر، الأولى اللجنة القومية للتقصي في حقائق إطلاق النار برئاسة المستشار عادل قورة، والثانية لجنة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس القومي لحقوق الإنسان "وكنت عضوا فيها، وفي كلا الحالتين لم يكن سهلا تحريك الاتهام إلا بعد التأكد فعليا من المسؤولية المباشرة للرئيس عبر اتصال أجراه بوزير الداخلية يأمره فيه بإطلاق النار".

Polizei vor dem Krankenhaus in Scharm el Scheich Ägypten Mubarak wurde dort eingeliefert
الشرطة أمام مستشفى شرم الشيخ لدى نقل مبارك إليهصورة من: AP

"تطبيق القانون بدلا من انتهاك حق الإنسان"

وفيما يخص أوجه التكريم التي يلقاها الرئيس فهي شبه طبيعية في نظر حافظ أبو سعدة، فالرئيس السابق بلغ من العمر 83 عاما، ووضعه الصحي حرج، وسوابق المؤسسة العسكرية في محاسبة قياداتها تؤكد هذا المنحى، فبطل حرب أكتوبر، الفريق سعد الشاذلي، نُفذ فيه حكم القضاء في مكان خاص، ويتبع القوات المسلحة. والموائمة بين تطبيق قرار الحبس ووضعه الصحي تسير الآن عن طريق نقله للقاهرة في مستشفي تابع للقوات المسلحة، ولا يعني ذلك أن القضية ستستغرق كثيرا أمام القضاء، بل أتوقع أن تستمر من ستة أشهر إلى سنة على أقصى تقدير، خاصة وأن تخصيص دوائر لها موضوع في الحسبان، "وأفضل لنا أن نتحوط ونطبق القانون بأدلته بدلا من اتهام الثورة بانتهاك حق الإنسان في محاكمة عادلة."

محاكمة لمواجهة انقلاب

خالد علي مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يرى في حديثه مع دويتشه فيله أن قرار المحاكمة لم يتحرك إلا بعد إدراك المجلس العسكري وجود بوادر انقلاب تجلت في مشهد ظهور الضباط بميدان التحرير، وهي رؤيته التحليلية التي بدأت بمشهد نزول الجماهير إلى أرضية ملعب إستاد القاهرة قبل حوالي أسبوعين ومن ثم الإيحاء بانهيار قدرة المجلس على فرض النظام، ثم خطابه الذي اعتقد أنه سيحرك جماهير افتراضية للشارع مطالبة برجوعه. ويستخلص خالد علي أن "القبض السريع على الرؤوس الكبيرة لنظامه كفتحي سرور وزكريا عزمي وصفوت الشريف البعيدين عن المحاكمات منذ بداية الثورة هو مؤشر لاختمار بوادر ثورة مضادة، فجاء توجيه الاتهام للرئيس ليقطع الطريق أمام هذا السيناريو."

Ägypten Demonstration Tahrir Platz Kairo
جماهير الثورة المصرية في ميدان التحرير تطالب بمحاكمة مباركصورة من: dapd

"تعطيل الرئيس تنفيذ أحكام قضائية هو جريمة"

أما فيما يخص غياب الجهات الحقوقية وجهات الادعاء المدني من محامي الضحايا فإن الجهات القضائية، كما يوضح خالد علي" رفضت وجودنا بدعوى سرية التحقيقات، وعدم تسريب تفاصيلها بما يضر بسير التحقيق" ويضيف: "نحن نضغط الآن في هذا الاتجاه، ونبحث عن الصيغة القانونية لتوجيه تهمة الإفساد السياسي له"، فعلى عكس ما يدعي المجلس العسكري،كما يقول علي، ثمة نصوص تجرم مبارك وفقا للقانون المصري، فتعطيل الرئيس تنفيذ أحكام قضائية عديدة خلال فترة حكمه هو جريمة توصيفها تعطيل الدستور، كذلك تقنين الفساد عبر تشريعات قانونية معيبة لا تستند إلا على رغبته، مثل حقه المطلق في توقيع صفقات السلاح دون العودة لمجلس الشعب.

هاني درويش- القاهرة

مراجعة: منى صالح

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد